قد خصها الله تعالى في كتابه العزيز بالتكريم ، وذكرها بأسماء عديدة بلغت أحد عشر اسماً ، ومن هذه الأسماء : مكة ، وبكة ، والبلد الآمن ، والبلد الأمين ، والحرم الآمن ، وأم القرى . كما أشار إليها في مواقع عديدة بأسماء أخرى ، وأقسم بها ، وأعطاها ما لم تحظ به آية مدينة في الدنيا .
وشاء جلت قدرته ، أن تكون الكعبة المشرفة ، والمسجد الحرام ، فيها فكانت لهذه المشيئة آثارها ونتائجها من حيث بناء مكة ، وتعميرها ، وسكانها . وفي ظاهر مكة نزل الوحي الإلهي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأول سور القرآن الكريم ، وتوالى الوحي بعد ذلك حتى عرفت بعض آيات القرآن الكريم بالمكية ، وهي التي نزلت في مكة المكرمة والمدنية ، وهي التي نزلت في المدينة المنورة .
وفي أرض مكة وبطاحها ، كان جهاد المسلمين الأوائل في مواجهة الشرك والضلال وعبادة الأصنام ، وفيها كان نصر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، يوم دخلوها ، في العام الثامن للهجرة ، ظافرين منتصرين ، فانتهت دولة الشرك ورفع فيها اسم الله وحده ، وحطمت الأصنام ، وطُهّر البيت ، وباتت مكة آمنة ، طاهرة ، وإلى كعبتها المشرفة يتجه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها في صلواتهم خمسة مرات في اليوم ، وبالطواف حولها يبدؤون حجهم ، وبه ينهونه .
إن قصة بناء مكة والمسجد الحرام والكعبة المشرفة ، معروفة ومشهورة ، والأحداث التي مرت بها منذ أيام إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام معروفة كذلك ، وليس هنا مجال إيرادها ، وإنما نبدأ في التعريف بمكة المكرمة ، منذ أن أنشئت المملكة العربية السعودية ، وأولتها من العناية الجانب الأكبر .
الموقع :
تقع مكة المكرمة عند تقاطع درجتي العرض 25/21 شمالاً ، والطول 49/39 شمالاً ، ويعتبر هذا الموقع من أصعب التكوينات الجيولوجية ، فأغلب صخورها جرانيتية شديدة الصلابة ، ويصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى أكثر من ثلاثمائة متر .
ويحتضن مكة وادي إبراهيم الخليل الذي ينحصر بين سلسلتي جبال متقاربة ، من جهات الشرق والغرب والجنوب ، فالسلسلة الشمالية تتألف من جبل ( الفلق ) وجبل (قعيقعان) ، والسلسلة الجنوبية تتألف من جبل ( أبي حديدة ) ، غرباً ، ثم جبل ( كدى ) باتجاه الجنوب ، ثم جبل ( أبي قبيس ) في الجنوب الشرقي ، ثم جبل ( خندمة ) .
ولمكة المكرمة ثلاثة مداخل رئيسية هي :
( المعلاة ) وتعرف باسم ( الحجون ) والمسفلة ، و ( الشبيكة ) .
وقد تعارف الناس على أن ( المعلاة ) هي كل ما ارتفع عن مستوى أرض المسجد الحرام و ( المسفلة ) هي كل ما كان دونه . يرجع بناء مكة المكرمة إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل ، وهي ذات أسماء عديدة منها : أم القرى ، وبكة ، البلد الأمين ، وكليها جاء ذكرها في القرآن الكريم .
وترتفع مكة المكرمة عن سطح البحر (330) متراً ، وهي على عرض (31) درجة وتتجاوز مساحتها ( 4800) هكتار ، ويزيد عدد سكانها عن الـ (600.000) نسمة يتضاعفون في أيام المواسم وبالذات في موسم الحج ، وتخدم مكة المكرمة شبكات من الطرق والإنفاق المتطورة التي تصل بين أطرافها والمسجد الحرام في قلبها ، وطريق دائري ويصلها كلها بالمشاعر المقدسة بأنفاق وجسور وطريق خاص بالمشاة مظلل ومهيأ بكافة الخدمات .
وفي مكة المكرمة خدمات صحية متطورة وشبكة هاتفية تصلها بجميع أنحاء العالم ، وتربطها بالمشاعر المقدسة وبالعالم أيضاً إضافة إلى كل الخدمات الحضارية التي تتضاعف خلال مواسم الحجز.
مهوى أفئدة ألف مليون مسلم في شتى أرجاء الأرض
مهبط الوحي وموقع المسجد الحرام المبارك ، وكعبته المشرفة
مقصد ملايين الحجاج والمعتمرين والزائرين
أطهر بقعة على وجه الأرض